للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعندنا لا يُمنع عن دخول المسجد الحرام أيضًا، والآية في دخولهم للحج؛ لأنهم كانوا يعملون في الحج أعمال المشركين، فأمر اللَّه تعالى بتنزيه المسجد الحرام والحرَم عن ذلك أيضًا، فأما نفس الدخول فغيرُ ممنوع عنها.

وقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً}: أي: فقرًا قال تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: ٨]، قال الشاعر:

ولا يدري الفقيرُ متى غِنَاه... ولا يدري الغنيُّ متى يَعُولُ (١)

وقوله تعالى: {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ}: قيل: إنهم كا نوا يَرِدُون بمكة تجارًا فتترفَّقُ أهلُها بهم في معايشهم، فلمَّا أُمروا بمنحهم منها أشفقوا من ضِيق المعاش وانقطاعِ التجارات، فوعدهم اللَّه تعالى الغِنى من وجه آخر من فضله وأمَّنهم من الفقر.

قال مقاتل: أغناهم اللَّه من فضله فأسلم أهلُ صنعاء وجُدَّةَ وجُرَشَ، وحملوا الطعام إلى مكة على ظهور الدَّوابِّ، فكفاهم (٢) ما كانوا يتخوَّفون (٣).

وقوله تعالى: {إِنْ شَاءَ} علَّق بالمشيئة قطعًا للآمال عن الأسباب، وصرفًا لها إلى اللَّه تعالى؛ كما قال اللَّه تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: ٢٧].


(١) البيت لأحيحة بن الجلاح، وهو في "ديوانه" (ص: ٧٤)، و"جمهرة أشعار العرب" (ص: ٢٧ و ٥١٨)، و"معاني القرآن" للفراء (١/ ٢٥٥)، و"مجاز القرآن" (١/ ٢٥٥) و (٢/ ٣٠٢)، و"تفسير الطبري" (٦/ ٣٧٥) و (١١/ ٣٩٩)، و"معاني القرآن" للزجاج (١/ ٣٦٨) و (٢/ ٤٤١)، و"جمهرة اللغة" (١/ ٥٩ و ٥٧١)، و"الزاهر" لابن الأنباري (١/ ١٤١)، و"غريب الحديث" للخطابي (١/ ٩٨)، و"الصحاح" (مادة: عيل). وفي جميع هذه المصادر: (متى يعيل).
(٢) في (ر): "فأمنهم".
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ١٦٦).