للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنما لم يُعرب لأنه موصولٌ لا يَتم إلا بصلته (١)، فصار لفظُه كأنه بعضُ الكلمة، ولا إعرابَ إلا لتمام الكلمة في آخرها، فأما (اللَّذانِ) في التثنية فإنما أُعرب -فكان رفعُه بالألف، ونصبُه وخفضُه بالياء- لأن منعَ الإعراب كان لإلحاقه بالحروف، ولا تثنيةَ للحروف فلم تُلحق بها، بل تحقَّق فيه معنى (٢) الاسمِ فأُعرب لذلك.

وقوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ}: تقديره: المؤمنين، ومحلُّ: {الَّذِينَ} من الإعراب على هذا التقدير: الخفضُ؛ لأنه نعتٌ للمتقين (٣) فيتبعُه في إعرابه، ويجوز أن يكون نصبًا على المدح، ويجوز أن يكون رفعًا بإضمارِ كلمة: هم.

وقوله: {يُؤْمِنُونَ}: فالإيمانُ في اللغة هو التصديق، وقد آمَنَ به ولَه؛ أي: صدَّقه، وآمَنَهُ؛ أي: أَثبتَ له الإيمان (٤).

وقيل: إن الإيمان الذي هو التصديقُ مأخوذٌ من هذا؛ فإن المصدِّق غيرَه فيما أَخبره (٥) به يُثبت لنفسه الأمنَ من إخبارِ المخبِر إياه بالكذب أو الخطأ.

ثم اختلَف أهلُ الأصول في ماهيةِ الإيمان المفترَض على العبد:

قال جَهْمٌ (٦): هو المعرفة.

وقالت الكرَّاميَّة: هو مجردُ الإقرار.


(١) في (أ): "بصلة".
(٢) في (ر) و (ف): "بمعنى".
(٣) في (ر): "نعت المتقين".
(٤) في (أ): "الأمان".
(٥) في (ر) و (ف): "أخبر".
(٦) هو جهم بن صفوان أبو محرز السمرقندي، قال الذهبي في ترجمته في "الميزان": الضال المبتدع، رأس الجهمية، هلك في زمان صغار التابعين، وما علمته روى شيئا لكنه زرع شرًّا عظيمًا.