للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صاروا إلى الجنَّة نُزِعَ ذلك مِن قلوبهم، وصاروا إخوانًا على سررٍ متقابلين، فيكون تداعيهم بتسبيح اللَّه وتحميده، فلذلك وصله بقوله: {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ}.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: له ثلاثةُ أوجهٍ:

أحدها: أنَّه بيان أنَّه ليس على أهل الجنَّة شيءٌ من العبادات سوى التَّوحيد، وهي كلمة التَّوحيد.

والثَّاني: أنهم يقولون ذلك لعظيمِ ما يرَون من النَّعيم، وعجيبِ ما عاينوا.

والثَّالث: شكرًا لِمَا أعطاهم مِن ألوان النَّعيم (١).

وقال محمَّد بن عليٍّ الباقر: كلامُ أهلِ الجنَّة ثلاثة: التَّسبيح والتَّحميد وتسليم بعضهم على بعض، ورزَقَ اللَّهُ تعالى هذه الثَّلاثة للمؤمنين في الدُّنيا في الصَّلاة؛ يفتتحون الصَّلاة بالتَّسبيح، ويفتتحون القراءة بالحمد، ويختمون بالسَّلام.

وقال الحسين بن علي: إذا أرادوا الطَّعام والشَّراب سبَّحوا، وإذا فرغوا حمدوا، وإذا اشتاقوا هلَّلوا، وإذا تلاقوا سلَّموا، وإذا تفرَّقوا بعدَ التَّزاور فآخر دعواهم -أي: آخر كلامهم عند التَّفرُّق- الحمد للَّه ربِّ العالمين (٢).

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ}؛ أي: ثناؤهم عندَ اللِّقاء سبحانَك اللَّهمَّ، وتحيتهم مِن اللَّه عند اللِّقاء السَّلام، يحمدونَه بحمدٍ أبديٍّ سرمديّ، وهو يحييِّهم بسلامٍ أزليّ، وكلامٍ أبديّ، عزيزٍ صمديّ، وحبيبٍ أحديّ (٣).

* * *


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ١٤).
(٢) لم أقف عليهما.
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٨٢). وآخره: (. . . وهو عزيز صمديّ ومجيد أحديّ).