للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: مَن علَّقَ قلبَه بالمخلوقين في استدفاع المضارِّ واستجلاب المسارِّ فهو كالسَّالكِ سبيلَ عبدةِ الأصنامِ؛ إذِ الموجِدُ والمنشِئُ للأشياء مِن العدمِ هو اللَّهُ المنفردُ بالأزليَّة والقِدَم (١).

* * *

(١٩) - {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}.

وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}: قال أبو روق: وما كان النَّاس إلَّا أمَّة واحدة على ملَّة الإسلام زمنَ نوح عليه السلام بعد الغرقِ، فاختلفوا وتفرَّقوا، {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} بأنْ جعل للدُّنيا مدَّةً وأجلًا، {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ}: لأقيمَ عليهم السَّاعة (٢).

وقال الكلبيُّ: {أُمَّةً وَاحِدَةً}: كافرةً على عهد إبراهيم عليه السلام، {فَاخْتَلَفُوا}: فتفرَّقوا مؤمنًا وكافرًا، {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ}: أنَّ اللَّهَ أخَّر هذه الأمَّة فلا يهلكُهم بالعذاب كما أهلَكَ الَّذين مِن قبلِهم، {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} مِن الدِّين (٣).

وقال الحسنُ: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ}: في حكمِه أنَّه لا يقضي بينهم فيما اختلفوا فيه مِن الثَّواب والعِقاب دونَ القيامة {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} في الدُّنيا،


(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٨٦).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٢٥).
(٣) ذكره السمرقندي في "تفسيره" (٢/ ١٠٩)، والثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٢٥).