للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٢٥) - {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ}؛ أي: لا يدعوكم إلى الرُّكون إلى الدُّنيا الَّتي هي تعرض الآفات، بل إلى الجنَّة الَّتي فيها السَّلامة عن كلِّ العاهات.

قال الزَّجَّاجُ: {دَارِ السَّلَامِ}: دار السَّلامة عن كلِّ آفةٍ (١).

والسَّلام والسَّلامة، كاللَّذاذ واللَّذاذة، والرَّضاع والرَّضاعة (٢).

وقال الحسنُ وقتادةُ: السَّلام: اللَّهُ، ودارُه: الجنَّةُ (٣).

ومعنى الآية على القول الأوَّل: واللَّهُ يدعوكم إلى عمل الآخرة الَّتي سَلِمَ صاحبُها مِن الحزن والخوف، ونعيمُها مِن التَّغيُّر والفناء.

وقوله تعالى: {وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}: أي: مَن حَسُنَتْ إجابته أجابَه اللَّهُ إليها؛ أي: هداهُ إلى الطَّريق الَّذي يفضي به إليها.

فالدُّعاءُ عامٌّ، والهدايةُ خاصَّة؛ إذ الكلُّ مدعوُّون، والسُّعداءُ منهم مهديُّون.

وقيل: {دَارِ السَّلَامِ}: دار التَّحيَّة؛ قال تعالى: {تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ} [إبراهيم: ٢٣]: وهى مِن بعضهم لبعض؛ وقال تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ


= في "قانون التأويل" (ص: ٥٨٦)، والمستعصمي في "الدر الفريد" (٧/ ٢٧٦). وفي "اللطائف": (الحسد) بدل "الحسن".
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٣/ ١٥).
(٢) انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة (ص: ٦)، و"معاني القرآن" للنحاس (٢/ ٢٨٥).
(٣) رواه عن قتادة عبد الرزاق في "تفسيره" (١١٥٣)، والطبري في "تفسيره" (١٢/ ١٥٤)، وذكره الماوردي في "تفسيره" (٢/ ١٦٧)، والواحدي في "البسيط" (٧/ ٣١٢).
وروى ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٩٤٣) عن الحسن قال: ما من ليلة إلَّا ينادي منادٍ: يا صاحب الخير هلمَّ، ويا صاحب الشرِّ أقصر، فقال رجل للحسن: أتجدها في كتاب اللَّه؟ قال: نعم {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ}.