للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَزِيَادَةٌ} قالَ "إذا دخلَ أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ، وأهلُ النَّارِ النَّارَ نادى منادٍ: يا أهلَ الجنَّةِ، إنَّ لكم عندَ اللَّهِ موعدًا، يريدُ أنْ يُنْجِزَكُمُوْهُ. فيقولون: ما هو؟ ألم يبيِّضْ وجوهَنا، ويثقِّلْ موازينَنا، ويدْخِلْنا الجنَّةَ، ويجرْنا من النَّار؟ قالَ: فيَكْشِفُ الحِجابَ، فيتجلَّى لهم، فينظرون إليه، والَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِه، ما أعطاهم شيئًا هو أحبُّ إليهم ولا أقرُّ لأعينِهم مِنَ النَّظرِ إليه" (١).

والآيةُ تنتظمُ هذه الأقاويلَ كلَّها، وأولى التَّفاسيرِ تفسيرُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد قال به جماعة من الصَّحابة رضوان اللَّه عليهم والتَّابعين: أبو بكر الصِّدِّيق، وحذيفة بن اليمان، وأبو موسى الأشعري، وكعب بن عجرة، وصهيب بن سنان، وعبادة بن الصامت، وابن عبَّاس، وعامر بن سعد، وعبد الرَّحمن بن أبي ليلى، وعبد الرَّحمن بن سليط، وعكرمة، والحسن، والضَّحَّاك، والسُّدي، ومقاتل، وعطاء (٢)، وعامَّة المفسِّرين: الزِّيادةُ: النَّظر إلى وَجْهِ اللَّهِ تعالى.

وروى قيسُ بن أبي حازم، عن جرير بن عبد اللَّه قال: كنَّا عندَ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنظرَ إلى القمرِ ليلةَ البَدْرِ، فقال: "إنَّكُمْ سَتروْنَ ربَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هذا القَمَرَ، لا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ" (٣).

وهذا تشبيهُ الرُّؤيةِ بالرُّؤيةِ، لا تشبيهُ المرئيِّ بالمرئيِّ، وهو القول الحقُّ، وعليه أهل السُّنَّة والجماعة (٤).


(١) رواه مسلم (١٨١)، والترمذي (٢٥٥٢)، والإمام أحمد في "المسند" (١٨٩٣٥) واللفظ له.
(٢) انظر أقوالهم في "تفسير الطبري" (١٢/ ١٥٦ - ١٦٤)، و"رؤية اللَّه" للدارقطني (ص: ١٥٦ - ٣٠٨)، و"الاعتقاد" لللالكائي (٣/ ٥٠٣ - ٥٦٠).
(٣) رواه البخاري (٥٥٤)، ومسلم (٦٣٣).
(٤) وقد طعن الزمخشري في "الكشاف" (٣/ ٣٤٢) بهذا الحديث ونعته بـ (المرقوع) ونعت أهل السنة =