للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والبُشرى بما وعدَهم به مِن عزيز لقائِه في آجلِهم، وخصائصهم الَّتي امتازوا بها عمَّن سواهم (١).

وقوله تعالى: {كِتَابٌ}: أي: هذا كتاب.

وقيل: أي: هذه السُّورة المسمَّاة {الر} كِتَابٌ {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ}؛ أي: نُظمَتْ نَظمًا مُحْكمًا، لا يلحقُه خَللٌ ولا تناقضٌ في النَّظم والمعنى.

وقوله تعالى: {ثُمَّ فُصِّلَتْ}؛ أي: جُعلَتْ فُصولًا؛ حلالًا وحرامًا، وأمرًا ونهيًا، وترغيبًا وترهيبًا، ومواعظ وأمثالًا، لكلِّ معنًى منها فصلٌ غير مختلطٍ بغيره، حتَّى يُتَمَكَّنَ مِن تَدبُّرِها كلِّها.

وقال الحسنُ: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} بالأمر والنَّهي، و {فُصِّلَتْ} بالثَّواب والعقاب (٢).

وقال قتادةُ: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} من الباطل، {ثُمَّ فُصِّلَتْ} بالحلال والحرام (٣).

وقال مجاهدُ: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} بالجملة، {ثُمَّ فُصِّلَتْ}: بُيِّنَتْ بِذِكْرِ آية آية (٤).

وقيل: {فُصِّلَتْ}؛ أي: بُيِّن فيها ما بالناس إليه حاجةٌ في أمور دينهم.

وقيل: {فُصِّلَتْ}: أُنْزِلَتْ متفرِّقة شيئًا بعدَ شيء.

وقوله تعالى: {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}: أي: أنزلَه ربٌّ حكيمٌ مُحْكِمٌ للأمورِ، واضعٌ


(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١٢٠).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٣٠٩).
(٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (١١٧٩)، والطبري في "تفسيره" (١٢/ ٣١٠)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٩٩٥).
(٤) ذكره بهذا اللفظ القرطبي في "تفسيره" (١١/ ٦٦)، وبنحوه الماوردي في "النكت والعيون" (٢/ ٤٥٦). ورواه مختصرًا الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٣١٠)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٩٩٥) ولفظه: {ثُمَّ فُصِّلَتْ} قال: فُسِّرَتْ.