للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيحتملُ أنَّهم كانوا يقرُّون بأنَّ اللَّهَ تعالى خالقُهم ومالكُهم، كما قالَ في حقِّ مشركي العرب: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: ٨٧]، والإقرار بالألوهيَّة للَّه يوجب طاعتَه فيما أمرَ ونهى.

ويحتمل أنَّه متَّصل بقوله تعالى: {بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ}؛ أي: هي خيرٌ لكم؛ إنْ صدَّقتموني فيه وعملْتُم به حصلَ لكم هذا الخيرُ.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: قيل: إنَّ ما (١) أبقى اللَّهُ لكم مِن الثَّواب في الآخرة خيرٌ لكم مِن الأموال في الدُّنيا.

وقيل: طاعةُ اللَّهِ الَّتي يبقَى ثوابُها خيرٌ لكم مِن هذا (٢).

وقوله تعالى: {وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ}: قال: إنِّي لسْتُ أشهدُ بياعاتكم حتَّى أعلمَ ببخسِكُم، وإنَّما أعرفُ ذلك بإخبارِ اللَّهِ تعالى، وفيه إثباتُ رسالِته.

وقيل: {وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ}؛ أي: بمسلَّطٍ عليكم أجبركم على هذا، وإنَّما أنا مبلِّغٌ منذِرٌ.

وقيل: وما أنا بمأمورٍ بحفظِكُم فأُؤاخَذَ بفعلِكُم.

* * *

(٨٧) - {قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}.

وقوله تعالى: {قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ}: قيل: كان شعيبٌ صلوات اللَّه عليه يصلِّي الصَّلوات،


(١) في جميع النسخ: "مما"، والمثبت من "تأويلات أهل السنة".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ١٦٨).