للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: معناه: إنَّك عندَنا حليمٌ رشيدٌ، ولسْتَ تفعلُ بنا ما يقتضيه حالُك، فتسفِّهُنا وتمنعُنا عمَّا كان عليه آباؤنا العقلاء، وهذا ليس بفعل الحليم الرَّشيد، وهو كقول قوم صالح: {قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا} [هود: ٦٢].

* * *

(٨٨) - {قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

وقوله تعالى: {قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي}: أي: على حجَّة وبيان في التَّوحيد والصَّلوات.

{وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا}: أي: أعطاني ذلك مِن عنده عطاءً حسنًا.

{وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}: أي: أخالفَكُم في تركِ ما أمرتُكُم به ميلًا إلى فعلِ ما أنهاكُمْ عنه، بل لا آمرُكُم بشيءٍ إلَّا عملْتُ به، ولا أنهاكم عن شيءٍ إلَّا انتهيْتُ عنه.

وقوله تعالى: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ}: أي: ما أُريدُ إلَّا الإصلاحَ في الأرض ما قدرْتُ عليه.

وقوله تعالى: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ}: أثبتَ الإرادةَ والفعلَ مِن نفسِه، والتَّوفيق مِن ربِّه، وهو الجمعُ بينَ الطَّاعة والاستطاعة، وهو مذهبُ أهل السُّنَّة والجماعة، وهو خلافُ قولِ القدريَّة والجبريَّة.