للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}: أي: عليه اعتمدْتُ لَمَّا كان (١) لا يَتمُّ شيءٌ إلَّا بتوفيقِه، وأُنيبُ إليه في المستقبلِ؛ أي: أرجعُ إليه في تمام ما أَنويه.

وجوابُ هذا الكلامِ محذوفٌ؛ أي: أتسفِّهونني على ذلك كلِّه وتشاقُّونني عليه؟ وهو استفهامٌ بمعنى التَّوبيخ.

وقيل: الجواب على هذا التَّقدير: {إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا} أفأعدِلُ عن عبادِتِهِ مع هذه الحالةِ الدَّاعيةِ إليها الموجبةِ لها.

وقيل: {رِزْقًا حَسَنًا}؛ أي: نبوَّة.

وقيل: توفيقًا للأعمال الصالحة.

وقيل: أي: كفايةً في المعاش، وهو كما مرَّ.

{وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً} ومعناه: إنْ كنْتُ على بيانٍ أهتدي به إلى أمور الدِّين، وكفافٍ أُصلحُ به أمور الدُّنيا؛ فأنا مستغنٍ عن أموالِكُم، فلا آمركُم بالإيفاءِ ولا أنهاكم عن البَخْسِ طمعًا في مالِكُم، بل إرشادًا لكم إلى إصلاحِكُم.

وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: الرزق الحسن: ما كُفي صاحبُه كدَّ طلبِه، ولم يُصِبْه نَصَبٌ بسببِهِ.

ويقال: الرِّزق الحسن: ما وُجِدَ غيرَ مرتقَبٍ (٢) ولا محتسَبٍ ولا مكتسَبٍ (٣).


(١) "لما كان" من (أ).
(٢) في (ف): "ما وجد من غير تعب" وفي (ر): "ما وجد عن غير مرتقب".
(٣) "ولا مكتسب" ليس في (أ). وهذه الألفاظ لم ترد في "اللطائف".