للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: الاستثناء واقعٌ من العذاب المذكور في الآية، وهو الزَّفير والشَّهيق؛ أي: لهم فيها زفيرٌ وشهيقٌ مدَّة (١) السماوات والأرض إلَّا ما شاءَ ربُّك مِن نقلِهم من هذا إلى نوعٍ آخر مِن العذاب.

وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}: أي: حكمه ماضٍ في الفريقَيْن على ما يريدُه، لا اعتراضَ لأحدٍ عليه في حكمِه.

* * *

(١٠٨) - {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}.

وقوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ}: قرأ حمزةُ والكسائيُّ وعاصمٌ في رواية حفصٍ بضمِّ السين، والباقون بفتحها (٢).

وسَعِدَ يَسْعَدُ سَعادَةً لازمٌ مِن حدِّ (علم)، وسَعَدَهُ يَسْعَدُهُ متعدِّ مِن حدِّ (صنع).

وقوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}: هو على ما فسَّرناه في الآية الأولى.

وقوله تعالى: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}: أي: غير مقطوعٍ (٣)، وقد جَذَّ جَذًّا؛ أي: قطع، وقال تعالى: {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا} [الأنبياء: ٥٨]؛ أي: قِطعًا؛ أي: أعطاهم الجنَّة عطاءً غيرَ مقطوعٍ، ودلَّ (٤) أنَّ الاستثناء ليس للنُّقصان، فكان للزِّيادة.


= للنقصان عن مدة دوام السماوات والأرض، ولا لعدم الزيادة على تلك المدة.
(١) في (ف): "ما دامت".
(٢) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٣٣٩)، و"التيسير" للداني (ص: ١٢٦).
(٣) في (ر) و (ف): "منقطع".
(٤) في (ر) و (ف): "وذلك".