للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ ابنُ عامر وحمزة وحفص عن عاصم بتشديدهما (١).

وقرأ أبو عمرو والكسائي بتشديد {إِنَّ} وتخفيف {لمَّا}.

وقرأ عاصم في رواية أبي بكر بتخفيف {إنْ}، وتشديد {لمَّا} (٢).

أما تخفيفهما: فـ (إنْ) للتَّأكيد، وأصلُه التَّشديد، وخُفِّف للتَّفسير فبقي ناصبًا كما كان، و (لَمَا): الَّلامُ لامُ التَّأكيد، و (ما) صلةٌ زائدةٌ مؤكِّدة، و {لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} لام توكيد أيضًا، وهو جمغ بينَ تأكيدَيْنِ، وتقديرُه: وإنَّ كلًّا مِن الأممِ المتقدِّمة من المتَّفقين (٣) والمختلفين في كتاب موسى وكتابك يوفِّيهم ربُّك يا محمَّد جزاءَ أعمالهم، والجزاءُ مُضْمَر.

وكذلك تأويلُ تشديدِ الأوَّل وتخفيف الثَّاني.

ويجوز على هاتَيْن القراءَتْين أنْ تكون {لَمَا} المخفَّفة لام ابتداء، و (ما) بمعنى الَّذي، ويكون نظير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: ٧١]، {لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} [النساء: ٧٢].

وأمَّا تشديدهما فـ {إِنَّ} للتَّأكيد، و {لمَّا} بالتَّشديد له وجوهٌ:

منها: قول الفرَّاء: وهو أنَّ أصله: (لَمِنْ مَا) (٤)، فاجتمعَتْ ثلاث ميمات، حتَّى أُدغِمَتْ


(١) في (ف): "بتشديهم".
(٢) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٣٣٩)، و"التيسير" للداني (ص: ١٢٦).
(٣) "من المتفقين" من (أ).
(٤) في (ر) و (ف): "صلة لمن ما"، وفي (أ): "أصله أن ما"، والصواب المثبت. و (مِن) على هذا القول هي الجارة، و (ما) هي الموصولة أو الموصوفة، وهي واقعة على مَن يعقل. هذا على قول الفراء، وذهب غيره منهم المهدوي إلى أن (مَن) هي الموصوفة أو الموصولة، و (ما) زائدة، ثم في كلا الوجهين صنع ما سيأتي من الحذف، قال هذا أبو حيان في "البحر" (١٢/ ٣٧٥) ثم تعقبه بقوله: =