للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ خُفِّفَتْ، فصارَتْ (لَمَّا)، وتقديرُه: وإنَّ كلًّا مِن المتَّفقين والمختلفين لَمَّا ليوفيَنَّهم، وتكرار لام التَّوكيد في موضعَيْن (١) على طريق قولهم: إنِّي لبحمدِ اللَّهِ لصالحٌ (٢).

ومنها: قول الزَّجَّاج: (وإنَّ [كلًّا] لَمَّا) بمعنى جمعًا، مِن قولِكَ: لممْتُ الشَّيءَ ألُمُّه لَمًّا؛ أي: جمعتُه (٣)، و (لَمَّا) على وزن فَعْلَى، بمعنى جمعًا فلم ينصرف؛ كما تقول: تَتْرَى، وتقديره: وإنَّ كلًّا جَمْعًا ليوفيَنَّهم.

وعليه قراءة الزهريِّ: (لَمًّا) بالتَّنوين (٤).

ومنها: قول المازنيِّ: إنَّها في معنى: لَمَا (٥) المخففة، شُدِّدَتْ للتَّأكيد (٦).

وأمَّا تخفيف {إنْ} وتشديد {لمَّا}: فـ (إنْ) للنَّفي؛ كما في قولِه: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ} [الطارق: ٤]، و {لَمَّا} في معنى إلَّا؛ كقولك: سألتك لَمَّا فعلْتَ؛ بمعنى: إلَّا فعلْتَ، وعليه قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: ٤]؛ أي: ما كلُّ نفسٍ إلَّا عليها حافظ، وتقديرُه هاهنا: ما كلُّهم إلَّا ليوفينَّهم، وهو اختيار الزَّجَّاج (٧).

وقوله تعالى: {إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}: أي: عالمٌ، وهو وعدٌ ووعيدٌ للفريقَيْن.


= (وهذان الوجهان ضعيفان جدًّا. . .)، وانظر باقي كلامه ثمة.
(١) في (أ): "موضعهم".
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٢٩ - ٣٠).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٣/ ٨٢).
(٤) ذكرها الفراء في "معاني القرآن" (٢/ ٣٠)، والطبري في "تفسيره" (١٢/ ٥٩٨)، والثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٩٢). وهي قراءة شاذة. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" لابن خالويه (ص: ٦٦).
(٥) في (أ): "لما". وهي سقط من (ف).
(٦) ذكر الزجاج هذه القول ورده. انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٣/ ٨١)، وانظر: "البسيط" للواحدي (١١/ ٥٧٢).
(٧) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٣/ ٨١).