للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١١٢) - {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.

وقوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}: أي: استقمْ على طاعةِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ كما أُمِرْتَ به مِن التَّبليغ والإنذار والوعظ والصَّبر على ما قلِّدْتَه، قال: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [الشورى: ١٥].

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: هو المذكور في قوله تعالى: {قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [الأحقاف: ١٣]، فقوله: {قَالُوا} إقرارٌ، والاستقامةُ عليه أنْ يَجعلَ في نفسِه وجميع أمورِه الرُّبوبيَّةَ والألوهيَّة للَّهِ جلَّ جلاله، ويأتيَ ما يجبُ أنْ يُؤتَى، وينتهيَ عمَّا يجبُ أنْ ينتهيَ عنه، ويتَّبع أمرَه ونهيَه (١).

وقوله تعالى: {وَمَنْ تَابَ مَعَكَ}: أي: وليَستقمْ مَن تابَ معَكَ (٢) مِن الشِّركِ ورجعَ إلى اللَّهِ تعالى بأعمالِه مخلصًا بها على إيمانِهم وإخلاصِهم.

وقوله تعالى: {وَلَا تَطْغَوْا}: أي: لا يحملنَّكم إمهالُ اللَّهِ تعالى على مجاوزةِ أمرِهِ.

وقيل: لا تطغَوا في الاستقامةِ، فتخرجوا عن حدِّها بالزِّيادة على ما أُمرْتُم به فرضًا أو نفلًا.

وقيل: أي: لا تطغينَّكُم النِّعمة فتخرجوا عن الاستقامة، والطُّغيانُ: تجاوزُ المقدارِ في الفساد.

وقوله تعالى: {إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}: يرى أعمالَكم، ويعلمُ أسرارَكُم، ويوفي جزاءَكُم.

قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: ما نزلَتْ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في جميعِ القرآنِ


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ١٩١).
(٢) في (أ): "واستقم ومن تاب" وفي (ف): "واستقم مع من تاب" بدل: "وليستقم مَن تاب معك".