للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

آيةٌ كانَتْ أشدَّ عليه ولا أشقَّ مِن هذه الآية. ولذلك قال لأصحابِه حين قالوا: قد أسرعَ الشَّيْبُ فيك يا رسولَ اللَّهِ، قال: "شيَّبتني هودٌ والواقعةُ وأخواتهما" (١).

وقالت عائشةُ رضي اللَّه عنها: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}؛ أي: على القرآن (٢).

وقال السُّدِّيُّ: الخطابُ له والمرادُ أُمَّتُهُ (٣).

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: يحتمل أن تكون السِّين في (الاستقامة) سينَ الطَّلب؛ أي: سلْ مِن اللَّه تعالى الإقامةَ لكَ على الحقِّ.

ويحتمل أنْ يكونَ معنى قوله: {فَاسْتَقِمْ}: فأَقِمْ، يقال: استقام وأقام؛ كما يقال: استجاب وأجاب.

قال: ويقال: المستقيمُ: مَن لا ينصرفُ عن طريق اللَّه تعالى ما لم يصلْ إلى اللَّهِ تعالى، يَصِلُ سيرَهُ بِسُراه (٤)، وورعَهُ بتقواه، ويبالغُ في تركِ هواه.

قال: ويقال: استقامةُ النُّفوس في نفي الزَّلَّة، واستقامةُ القلوبِ بنفي الغفلة، واستقامةُ الأرواحِ بنفي العلاقة، واستقامةُ الأسرار بنفي الملاحظة.

واستقامةُ العابدين: ألَّا يدَّخروا نفوسَهم عن العبادة، ولا يخلُّوا (٥) بأدائِها، يقضون عسيرها (٦) ويسيرها.


(١) ذكره بتمامه الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٩٢)، وروى المرفوع منه الترمذي (٣٢٩٧) من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٥٩٩) عن سفيان.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٩٢)، والواحدي في "تفسيره" (١١/ ٥٧٦).
(٤) في المطبوع من "لطائف الإشارات": "بمسراه".
(٥) في النسخ: "يخلون"، والمثبت من "اللطائف".
(٦) في النسخ: "غيرها"، والمثبت من "اللطائف".