للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: السُّؤال أنواعٌ، والفوائد للسَّائلين، فإذا جالسْتَ العلماءَ فسَلْ بلسانك، وإذا جالسْتَ الحكماء فسَلْ بعينك (١)، وإن جالسْتَ العارفينَ فسَلْ بقلبك، وإن جالسْتَ المحبِّين فسَلْ بسرِّك، فإذا لقيْتَ العالِمَ فقدِّم لسانَك، وإذا لقيت الحكيم فقدِّم عينَكَ، وإذا لقيْتَ العارفَ فقدِّم قلبَكَ، وإذا لقيْتَ المحبَّ فقدِّم سرَّكَ، وإن اطَّلعت على عيبٍ فقدِّمْ روحَكَ.

وقال بعضُ أهلِ العلم: يمكن تمشية الآية في كلِّ السَّائلين، فكأنَّه قال: إن سألَكَ العصاة: ما يفعلُ اللَّه بهم؟ فاقرأ عليهم قصَّة يوسفَ، وقل: {يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} [يوسف: ٩٢]، كما غفرَ اللَّهُ لإخوةِ يوسفَ.

وإن سألَكَ الَّذين يؤذون الآباءَ ويعقُّونهم: ما يفعلُ اللَّه بهم إذا تابوا؟ فقل: يعفو عنهم، كما عُفِيَ عن أولاد يعقوب.

وإن سألَكَ الممتحَنُون: ما عاقبة أمرهم؟ فقل: الفرجُ، كما فرَّجَ اللَّهُ عن يعقوبَ.

وإن سألَكَ المحبُّون: كيفَ حالُهم؟ فقل: يصلونَ إلى الحبيب كما وصلَتْ زليخا إلى يوسفَ.

وإن سألَكَ المسجونون: ما عاقبةُ أمرهم؟ فقل: الفرجُ كما فرَّج اللَّهُ عن يوسفَ.

وإن سألك المهمومون، وإن سألَكَ الواقعون في القَحْطِ، وكذا. .، فأجبهم بهذه القصَّة على التَّفصيل.

وقيل: {آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ}: لأصحابِ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث سألوا رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: لِمَ سمَّى اللَّه تعالى هذا أحسن القصص؟ قال: "لأنَّ المخبِر عنه هو أحسنُ القائلين قولًا، والمخبَرَ عنه أحسنُ النَّاس وجهًا، فإنَّ يوسف لم يكن بعدَه أحدٌ في


(١) في (أ): "بنفسك"، وفي (ر): "بعقلك".