للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعالى، أو تقديَم مَن أخَّرَه اللَّه تعالى؛ إنَّ إخوةَ يوسفَ أرادوا أن يجعلوه في أسفلِ الجُبِّ، فرفعَه اللَّهُ تعالى فوقَ السَّرير (١).

وقيل: إنَّما قالوا: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا} في حقِّ يوسف؛ فلأنَّ يعقوب عليه السلام أصحبَه يومَ عيدٍ ثلاثةَ أشياءَ: قميصَ إبراهيمَ الذي ألبسَه له جبريلُ، وقد جاء به مِن الجنّةَ يوم أُلقِيَ في نار نمرود، وشدَّ وسطَهُ بمنطقةِ إسحاق، ووضع في يده خيزرانةً جاءَ بها جبريلُ عليه السَّلام يومَ وُلدَ إسحاقُ، فحسدُوه لتخصيصِهِ بها، واستدلُّوا على محبَّتِه إيَّاه (٢).

* * *

(٩) - {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ}.

وقوله تعالى: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا}: فقالوا: ما الرَّأي؟ قال وهبٌ: قال ذلك شمعون. وقال كعبٌ: قاله دان. وقال مقاتلٌ: قاله روبيل؛ وهو أكبرهم سنًّا (٣).

وقال بعضهم: لمَّا قالوا: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا} تراءى لهم الشَّيطان في صورة شيخٍ وقال: إنَّ يوسف يريدُ أن يستعبدكم، فقالوا: ما الرَّأي؟ فقال: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ}، فقالوا له: لو فعلْنَا ذلك كنَّا عاقِّين للأبِ، عاصينَ للَّهِ تعالى، فقال: ثمَّ تتوبون فتكونوا قومًا صالحين، ثمَّ غابَ عنهم، فثبَتوا على هذا الرَّأي بقولهم: {اقْتُلُوا يُوسُفَ}؛ لتنحسمَ مادَّةُ هذا الأمر {أَوِ اطْرَحُوهُ}؛ أي:


(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١٧٠).
(٢) لم أجده، وظاهر أنه من الإسرائيليات.
(٣) ذكر هذه الأقوال الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ١٩٩).