للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بينَنا في المحبَّة لنا، والإقبال علينا، والتَّنجُّح (١) بنا، فلم يعرفوا أنَّ إقبالَ يعقوب إلى يوسفَ لم يكن مِن جهة الولد، وإنَّما كان مِن معرفة صنعِ اللَّه تعالى (٢)، وبما وضعَ اللَّهُ تعالى فيه مِن اللَّطائفِ.

وكانت محبَّتُه لِمَا كان يُكشَف له مِن زيادة الاطِّلاع على صنعِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ فيه، وكان لا يلزمُه التَّسوية بينهم، ولهذا قالوا: إنَّ للأبِ أنْ يزيدَ في الإحسانِ والبرِّ لبعض الأولاد دونَ بعضٍ؛ لزيادةِ منقَبةٍ في الدِّينِ أكرمَه اللَّهُ تعالى بها، وإنْ كانَ الأولادُ سواءً في معاني الدِّين فعليه أنْ يسوِّي بينهم في الإكرام والبرِّ.

فلم يكن يعقوبُ في خطأٍ بيِّنٍ كما قالَ بنوه، إلَّا (٣) أنَّهم توهَّموا أنَّه يكرمُه لغير الولديَّة (٤)، فرأوا أنفسَهم أولادَه، فنسبُوه إلى الخطأ، ولو عرفوا أنَّه لمعنًى مِن لطائفِ اللَّهِ فيه يكرمُه لم ينسبوه إلى الخطأ.

وفي ذلك إبانةٌ أنَّهم يستعظمون إقبالَ أبيهم عليه، فأرادوا عطفَه عليهم (٥)، ويغتنمون إكرامَه إيَّاهم ماكَسوه، ولو كانوا متهاونين (٦) بَيْنَ الوالد غيرَ مغتنمين عطفَه عليهم لم يشتغلوا بتلك المماكسة مع أبيهم، إلَّا أنَّهم (٧) جهلوا وجهَ المعاملة في خلال كلامِهم بعضِهم مع بعضٍ ومع أبيهم ومع أخيهم، من نحو قولهم: {لَيُوسُفُ


(١) في (ر): "والنجح".
(٢) بعدها في (ر): "منحه في التقويم".
(٣) في (ر): "لولا".
(٤) في (ر): "الولد".
(٥) "فأرادوا عطفه عليهم" من (ف).
(٦) في (ف): "متيقنين".
(٧) في (ف): "لأنهم" بدل: "إلَّا أنَّهم".