للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ عاصمٌ وابنُ عامر: {يُسْقَى} بياء التَّذكير على معنى: يُسْقَى ما ذُكِرَ، أو كلُّ واحدٍ ممَّا ذُكِرَ، {وَنُفَضِلُ} بالنُّون (١)؛ أي: إنَّ اللَّه تعالى يقول: ونحنُ نفضِّلُ بعضَها على بعضٍ في الأكل؛ أي: بالثَّمر.

ويُقرأ: (ويُفَضَّلُ) بالياء وفتح الضَّاد على ما لم يُسمَّ فاعلُه (بعضُها) بالرَّفع؛ لأنَّه اسمُ ما لم يُسَمَّ فأعلُه (٢).

وقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}: أي: مَن استعملَ عقلَهُ وتدبَّرَ -معَ سلامةِ العقلِ مِن الآفات المانعاتِ عن كمالِ النَّظر (٣) - علمَ أنَّ لذلكَ صانعًا هو فرَّقَ بينَهما وبينَ الجنس الواحد منهما مع اجتماعِها في المغرسِ (٤) والماءِ، فدلَّ على أنَّ ظهورها ليس بالتُّربة والماء؛ إذ لو كانَ كذلك لم تختلف الطُّعوم والمناظر، وذلك ظهورها بإنشاءِ اللَّهِ تعالى القادرِ على ما يشاء.

وفي الآيةِ وجهٌ آخرُ عن الحسن ومجاهد: وذلك أنَّه مثالُ قلبِ المخاطَبِ، وذاك أنَّ اللَّهَ أنزلَ القرآنَ الذي هو حياة النَّاس في أديانهم، فيتفاضَلُ العبادُ فيه والقرآنُ واحدٌ كتفاوتِ الثِّمارِ والماءُ واحدٌ، ثمَّ ترى هذا (٥) أنه كما لو شاءَ سوَّى بينَ جميعِ الثِّمار، فكذلِكَ لو شاء لسوَّى بينَ قلوبِ العِبادِ، ولكنَّه بحكمِ


(١) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٢٥٦ - ٢٥٧)، و"التيسير" للداني (ص: ١٣١).
(٢) تنسب ليحيى بن يعمر. انظر: "المختصر في شواء القراءات" لابن خالويه (ص: ٧٠).
(٣) في (أ): "النظم".
(٤) في (أ): "الغرس".
(٥) في (ر) و (ف): "ثم قرأ هذا"، وفي (أ): "ثم ترا" وبعدها كلمة غير واضحة، ولعل المثبت هو الأنسب بالسياق.