للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الكسائيُّ: الأمثال (١).

وقال الأخفشُ: النَّظائر والأشباه، يعني: في العذاب.

والمَثُلات في اللُّغة: العقوبات الَّتي تَزجرُ عن مثل ما وقعَتْ لأجله؛ أي: قد مضَتْ قبلَ هؤلاء وقائعُ اللَّهِ في الأمم الخالية.

أو قالوا لأنبيائهم: ائتونا بعذابِ اللَّهِ، إذا أصرُّوا على كفرهم واقترحوا الآيات، فعُذِّبَ بعضُهم بالمسخ، وبعضُهم بالخسف، وبعضهم بالقذف (٢)، وبعضُهم بالظُّلَّة، وهؤلاء قد تقرَّر علمُهم بذلك، فكيف يستعجلونك به وليس معهم إيمانٌ يعتصمون به؟

وقوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ}: قال السُّدِّيُّ: يعني: المؤمنين {وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} يعني: على الكافرين (٣).

قال بعضُ أهل العلم: هي أرجى آيةٍ في كتاب اللَّه تعالى، حيثُ ذَكَرَ المغفرةَ مع الظُّلم، وهو بدون التَّوبة، فإنَّ التَّوبة تزيلُ العقوبة (٤) وترفعُها.

وقيل: هما جميعًا في حقِّ المؤمن، وهو معلَّق بالمشيئة فيهما، ومعناه: يغفرُ لمن يشاءُ، ويعذِّب مَن يشاء، وهو ترغيبٌ وترهيبٌ، وإطلاقُه كإطلاقِ قولِه تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} [الحجر: ٤٩ - ٥٠].


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٤٣٦)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢٢٢٣) عن مجاهد. وقاله أبو عبيدة في "مجاز القرآن" (١/ ٣٢٣).
(٢) في (أ): "بالعذاب".
(٣) ذكره الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٦/ ٣١١) دون نسبة، وانظر: "تفسير الرازي" (١٩/ ١٢).
(٤) في (أ) و (ف): "تزيلها".