للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الكسائيُّ: أي: راكب رأسَه (١).

وقيل: سالكٌ في سَرَبِهِ يتسرَّب في مذاهبه (٢)؛ أي: يضطرب في طرقه.

وهذه الأقاويل متقاربة (٣)، وهي في اللُّغة: جريانٌ في خروجٍ بسرعة، وقيل: ذهاب على الوجه.

وقد سَرَبَ سُرُوبًا، وانْسَرَبَ انْسِرابًا.

قال الحطيئة (٤):

وكلُّ أناسٍ قاربوا قيدَ فَحْلِهِمْ... ونحنُ حللْنَا قيدَهُ فهوَ سارِبُ (٥)

وقال الحسن: {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ}: أي: مستترٌ بالنَّهار (٦). وقال الزَّجَّاج: هو جائز في اللُّغة، يقال منه: سَرَبَ الوحشُ وانسَرَبَ: إذا دخلَ كناسَه (٧).

تمدَّح سبحانَه في هذه الآية بسمعِه وبصرِه كما تمدَّح في الآية الأولى بعلمِه


(١) في (أ): "دابته". وروى الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٤٥٥) عن خصيف في قوله: {مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ} قال: راكب رأسه في المعاصي {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} قال: ظاهر بالنهار.
(٢) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (١/ ٣٢٣).
(٣) في (ف): "متفاوتة"، ولعله تحريف.
(٤) تحرفت في (أ) إلى: "الحطيب"، ولم أجد من نسبه للحطيئة.
(٥) البيت للأخنس بن شهاب التغلبي، كما في "المفضليات" (ص: ٢٠٨)، و"المعاني الكبير" لابن قتيبة (١/ ٥٥١)، و"أمالي القالي" (٢/ ٢٤٣)، و"الصحاح" للجوهري (مادة: سرب)، ولم أجد من نسبه لغيره.
(٦) ذكره الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٤٧٢) عن بعض نحوي أهل البصرة بلفظ: السارب هو المتواري. وروى عبد الرزاق في "تفسيره" (١٣٥٧) عن الحسن غير هذا القول وقد ذكرناه قريبًا.
(٧) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٣/ ١٤٢).