للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: أي: مَن بسطَ كفَّيْهِ إلى الماء مِن غير أنْ يرفعَه إلى فِيْه بكفَّيْهِ أو في إناءٍ لم يبلغْ فاه، يجعلُ الماءَ مثلًا للمعبود مِن دونِ اللَّهِ، وقد جعلَ بَسْطَ اليدَيْن إلى الماء كتوجيه الرَّغبة إلى المواتِ المعبودِ الَّذي لا يعقل، كالماء الَّذي لا يعقل رغبةَ باسطِ الكفِّ إليه فيه.

وأخبرَ أنَّهم فيما يرجون مِن ذلكَ في ضَلالٍ، وهو قولُه تعالى:

{وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}: أي: في غيرِ استقامةٍ وهدًى، فإنَّه غيرُ حاصلٍ لهم ما رَجَوه، ولا إجابةَ لهم ممَّن دَعَوه.

وقيل: هو مبتدأ؛ أي: وما دعاءُ الكفَّارِ الأصنامَ إلَّا ضلالًا عن الهدى.

وقيل: أي: تَضِلُّ الأصنامُ عنهم، فلا يجدونها ولا ينتفعون بها، قال تعالى: {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا} [الأعراف: ٣٧].

وقال القشيريُّ رحمَه اللَّهُ: دواعي الحقِّ صارخةٌ في القلوبِ مِن حيث البرهان، فيدعو العبدُ بلسانِ الخواطرِ، فمَنِ استمعَ إليها بسَمْعِ الفهم استجابَ ببيان العلم، وفي مقابلتِها دواعي الشَّيطان، وهي هاتفةٌ بالعبدِ تزيينَ المعاصي، فمَنْ أصغى إليها بسمْعِ الغَفْلةِ استجابَ لصوتِ (١) الغيِّ (٢).

* * *

(١٥) - {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}.


= الطبري" (١٣/ ٤٨٨)، و"المستقصى في أمثال العرب" (٢/ ٢٠٩).
(١) في النسخ الثلاثة: "بصوت"، والمثبت من "لطائف الإشارات".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٢٢١). ووقع في النسخ الثلاث: "بصوت الغي"، والمثبت من المصدر.