للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بعلامةٍ مجرَّدة، وجعلوا ذلك أيضًا مجرَّدَ شهادةٍ؛ من قولك: كتب فلان شهادته (١) وخَتم عليها؛ أي: أَثْبتَ شهادته، فيقولون ما (٢) معناه: شَهِد اللَّه عليها بكُفرها، وأَظهر ذلك للملائكة. وهذا أيضًا جَرْيٌ منهم (٣) على مذهبهم الفاسدِ في أن أفعال العباد ليست بمخلوقةٍ للَّهِ تعالى، ولا هي بقضائه وتقديره ومشيئته وإرادته.

وأمَّا أهلُ السنَّة والجماعة فقد قالوا: إنه إثباتُ فعلِ الكفر وإيجادُه (٤).

وحاصلُ الختم عند أهل الحق: عقوبةٌ من اللَّه تعالى لا تَمنع العبد من (٥) الإيمان جبرًا، ولا تحمله على الكفر كرهًا، بل هي زيادةُ عقوبةٍ له على سوء اختياره وتمادِيهِ في الكفر وإصراره، يُحرم بها عن اللُّطف الذي يَسهُل به فعلُ الإيمان وتركُ العصيان.

يدلُّ (٦) عليه: أنهم بَقُوا مخاطَبين بالإيمان بقوله تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحديد: ٧]، ومَلُومين عن الامتناع عنه بقوله (٧): {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الانشقاق: ٢٠]، وقولهِ تعالى: {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: ٣٩]، وموبَّخين على الكفر بقوله تعالى: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} [عبس: ١٧]؛ أي: ما حمَله على الكفر؟ ولو صاروا مجبورين، وعن الإيمان عاجزين، لزال الخطاب، وسقط اللوم والعتاب،


(١) في (ر) و (ف): "شهادة".
(٢) "ما" زيادة من (ف).
(٣) في (أ): "وهذا أيضًا مجرد شهادة منهم جريٌ".
(٤) في (أ): "الكفرة وإيجاده"، وفي (ف): "الكفر واتخاذه".
(٥) "من" زيادة من (ف).
(٦) في (أ): "ويدل".
(٧) في (ر) و (ف): "لقوله".