للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقول: ولقد فُعِلَ بالرُّسِلِ مِنْ قبلِكَ ما يَفعلُ هؤلاء المستهزئون (١) بك، مِن الاستهزاءِ، واقتراحِ الآيات، فأمهلْتُ المستهزئينَ مدَّةً ليؤمِنَ مَن كان في علمي أنَّه يؤمِنُ، أو يزدادَ إثمًا ويكفرَ مَن علمْتُ أنَّه لا يؤمنُ.

{ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ}: بالعقابِ، فانظر كيف كان ذلك.

وقوله: {فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} كلمةٌ تُستعمَلُ عندَ الإعلام بالقدرة، وهو توعُّدٌ لهؤلاءِ بمثلِه.

* * *

(٣٣) - {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}.

وقوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}: هو تعجُّبٌ مِن المشركين في إشراكِهم باللَّهِ غيرَه، وهو استفهامٌ بمعنى النَّفي؛ أي: ليس مَن هو قائمٌ على كلِّ نفسٍ بما كسبَتْ؛ أي: قائمٌ بالتَّدبير في جزائها (٢)، وقيل: بحفظِها وإدرارِ رزقِها.

وقيل: أفمَن هو محاسِبٌ مطالِبٌ، كما قال: {إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: ٧٥].

وحذفَ هنا: (كمَنْ ليس كذلك) لدلالةِ الكلامِ عليه، ومثلُهُ في القرآن كثيرٌ: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الزمر: ٢٢]، {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ} [الزمر: ٩]، ودلَّ على هذا الحذف ما بعدَه، وهو قوله تعالى:

{وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ}؛ أي: شركاءَ ليسوا بقائمِينَ على الأنفس.


(١) "المستهزئون" ليس في (أ).
(٢) في (ف): "حراستها".