للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ}؛ أي: أشركوا أيضًا مع إنكارِهُمُ البعثَ، فازدادوا كفرًا إلى كفرٍ.

وقوله تعالى: {قُلْ سَمُّوهُمْ}: قيل: سمُّوا هؤلاء الَّذين جعلتُموهم شركاء بأسماء حقيقةٍ لها معانٍ تستحقُّ بها أنْ تكونَ معبودةً، ولم تقدروا على ذلك، فبطلَ قولُكم.

وقيل: إذا سمَّيتموها آلهةً فسمُّوها بأسماء اللَّه، وهي الخالق والرَّازق وسائر الأسماء، ولا يفعلون ذلك لعلمِهم أنَّه باطل، فكذلك تسميتُهم بالآلهةِ.

وقيل: إذا جعلتُم لي شركاء فسمُّوها مَن هم، ولا شكَّ أنَّهم يسمُّون أصنامَهم المعروفةَ بالَّلات والعُزَّى ومناةَ ونحوها، فيَعلمُ كلُّ عاقلٍ أنَّها جماداتٌ لا تملكُ شيئًا، ولا يكون منها شيءٌ إلهًا معبودًا، وهو كمَنْ يقولُ: إنِّي لأعلمُ لفلانٍ شبيهًا، فيُقالُ له: سَمِّهِ، فإذا سَمَّى مَن يُعْلَمُ يقينًا أنَّه ليس بشبيه لِمَنْ (١) يقولُ، رُدَّ عليه قولُه، وبطلَ كلامُه، فكذا هذا.

وقولُه تعالى: {أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ}: أي: أتخبِّرون اللَّهَ بالشُّركاءِ في الأرض وهو لا يعلمُ ذلك؛ أي: لو كان لَعَلمَ، فهو في الحقيقةِ نفيُ الكونِ، لا نفيُ العِلْم، وأنَّه (٢) عطفٌ على الألفِ في قوله: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ}.

وقيل: هاهنا مُضمَر با لألف، ثمَّ هذا عُطِفَ عليه: {قُلْ سَمُّوهُمْ} (٣) أتسمُّونهم أم تنبِّئون اللَّهَ بما لا يعلمُ في الأرض.


(١) في (أ): "لشبيه أن" بدل من "بشبيه لمن".
(٢) في (ف): "ولأنه".
(٣) في (ر) و (ف): "بل سموهم".