للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}: وهو وعدٌ بإبقاءِ النِّعمةِ، فالزِّيادة عليها (١) تكونُ بعدَ بقاءِ أصلِها.

{وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}: إنْ جُعِلَ هذا مِن الكُفْرانِ فمعناه: إنَّ عذابي بإزالةِ النِّعمةِ عنكم لشديدٌ عليكم، وإنْ جُعِلَ مِنَ الكُفْرِ فمعناهُ: إنْ جَحدْتُم النِّعم مِن عندي فعذابي للكفَّار شديدٌ؛ لأنَّه بالنَّار، وهو دائم.

وقال الإمامُ أبو منصورٍ رحمَه اللَّه: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ}؛ أي: وعدَ ربُّكم وكفلَ ربُّكم، لم يبيِّنْ ما الشُّكر، وما النِّعمة، وما الزِّيادة، وما الكفر، وما العذاب؟

ويُشبِهُ أنْ يكونَ معناه: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ} لي بالتَّوحيدِ بما خلقْتكُم، وركَّبْتُ فيكم ما تتلذَّذون به وتتنعَّمون في الدُّنيا، وبما قوَّمتكم في أحسن التَّقويم {لَأَزِيدَنَّكُمْ} النِّعَمَ الدَّائمة في الآخرة، وهذا قول ابن عبَّاس (٢)، أو هو قريب منه، ألا ترى أنه قال: {وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}؛ أي: ولَئِنْ صرفْتُم شكرَ نعمتي إلى غيري.

ويحتمِلُ أنْ يكونَ: كلُّ نعمةٍ يشكرُها يزيدُ له مِن نوعِها في الدُّنيا ويُديمُ له ذلك (٣).

وقال القشيريُّ: لَئِنْ شكرْتُمْ إنعامِي زِدْتُكُم مِن إكرامي، ولَئِنْ كفرْتُم إحساني عذَّبْتكُم اليومَ بامتحاني، وغدًا بفراقي (٤) وهجراني.


(١) "عليها" من (أ).
(٢) ذكره الواحدي في "البسيط" (١٢/ ٤٠٧).
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٣٦٥ - ٣٦٦).
(٤) في (ر) و (ف): "بعذابي".