للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٠) - {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ}.

وقوله تعالى: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ}: أي: في أنَّ العبادةَ لا تجوزُ إلَّا له.

{فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: نعتُ قولِه: {أَفِي اللَّهِ}؛ أي: لا يقدرُ على إنشائِهما غيرُه، فلا شريكَ له فيهما، فكيفَ يجوزُ الإشراكُ به؟

وقوله تعالى: {يَدْعُوكُمْ}: أي: على ألسنتِنا إلى عبادَتِه.

{لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} قال أبو عبيدة: (مِن) زائدةٌ (١).

وقال سيبويه: لا يجوز ذلك في الإثبات، وإنَّما ذلك في النَّفي (٢)، ولكن (مِن) للبدل؛ أي: بدلَ ذنوبِكُم الَّتي كانت في الشِّركِ.

وقيل: هو للتَّبعيض، وهي ذنوبُ حالةِ الشِّرك، فإنَّ ما يفعلُه بعدَ الإسلامِ فهو بحالِه، لا يُغفَر إلَّا بتوبة، أو بفضلِ اللَّه تعالى لأهل الإسلام.

قوله تعالى: {وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}: أي: إلى منتهَى أعمارِكُم، فلا يعاجلكم بالعقوبة والهلاك، وهو جواب قوله: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} [القصص: ٥٧]، يقول: إذا أسلمتُم لم (٣) تُتَخطَّفوا، وبلغتُم إلى آجالكم المسمَّاة. قالَه الإمام أبو منصور رحمه اللَّه (٤).


(١) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (١/ ٣٣٦).
(٢) انظر: "الكتاب" لسيبويه (١/ ٣٨) و (٢/ ٣١٦)، و"شرح كتاب سيبويه" للسيرافي (١/ ٢٧٨)، وانظر: "المفصل في صنعة الإعراب" للزمخشري (ص: ٣٨٠).
(٣) في (أ): "أن".
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٣٧٠).