للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهدٌ: ردُّوا نعمَهم بأفواهِهم (١).

وحُكِيَ عن أبي عبيدةَ أنَّ هذا مَثَلٌ، ومعناهُ: أنَّهم كَفُّوا عمَّا أُمِروا بقولِه مِن الحقِّ ولم يؤمنوا به، ويُقالُ للرَّجل إذا أمسكَ عن الجواب فلم يُجبْ: ردَّ يدَه في فيه (٢).

وكأنَّ مجازَ هذا (٣): أنَّه سترَ فاه بيدِه؛ أي: هذا لم يدخل قلبي، وليس له عندي جوابٌ.

وحُكِيَ عن غيرِ أبي عبيدة أنَّ العربَ تقولُ: كلَّمْتُ فلانًا في حاجةٍ فردَّ يدَه في فيه: إذا سكتَ عنه ولم يُجبْ (٤).

وقال الإمامُ أبو منصورٍ رحمَه اللَّهُ: ويحتملُ هذا المكاءَ بأفواهِهم استهزاءً بهم (٥).

وقولُه عزَّ وجلَّ: {وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ}: أي: مِن التَّوحيد وترك الشِّرك.

{وَإِنَّا لَفِى شَكٍّ}: أي: مِن صحَّة (٦) {مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ}؛ أي: مُوقِعٍ للرِّيبةِ والتُّهمةِ لكم بالكذب فيه.


(١) ذكره الزجاج "معاني القرآن" (٣/ ١٥٦) دون عزو.
(٢) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (١/ ٣٣٦).
(٣) في (أ): "وكان هذا مجازًا"، وفي (ف): "وكأن مجازة هذا".
(٤) ذكره الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٦٠٨)، وردَّه بقوله: وهذا أيضًا قول لا وجه له؛ لأن اللَّه عزَّ ذكره قد أخبر عنهم أنهم قالوا: {إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ}، فقد أجابوا بالتكذيب.
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٣٦٨)، وفيه: ويحتمِل ردَّ الأيدي في أفواه أنفسهم يصوِّتون ويستهزئون بهم وبأتباعهم؛ كقوله: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} الآية [الأنفال: ٣٥].
(٦) في (أ): "صحيح".