للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٣ - ١٤) - {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ}.

وقوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا}: أي: ولتصيرُنَّ إليها (١)، ولم يريدوا حقيقةَ الرُّجوع، فإنَّهم ما كانوا قَطُّ فيها، وقد مرَّ شرحُه في (سورة الأعراف).

ولعلَّهم اشتغلَتْ قلوبُهم بهذا القولِ كما تقتضيه طباعُ البشرِ، فسكَّنَها اللَّهُ تعالى، وذلك قوله تعالى: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ}؛ أي: الَّذين يظلمونَ أنفسَهم وإيَّاكم {وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ}؛ أي: ولنجعلنَّكُم سكَّانَ أرضِهم بعدَ هلاكِهم.

وقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ}: أي: هذا مِن مِنَني على الأنبياءِ وأتباعِهم؛ بخوفِهم مقامِي، وخوفِهم وعيدي.

ومعناه: أنَّهم إذا تذكَّروا الحسابَ وقيامَهم للعرضِ على اللَّه تعالى، وقيل: قيامَهم على رؤوسِ القبور إذا بُعثوا ثلاث مئة سنة، وقد تذكَّروا ما توعَّد اللَّهُ به النَّاسَ مِن غليظِ العِقاب على معاصيهم = ثبتوا على طاعتي، وتجنَّبوا سخطي، فإضافةُ المَقام إلى اللَّهِ تعالى إنَّما هو على معنى كونِه بينَ يدَي اللَّهِ.

وقيل: ذلك لِمَنْ خافَ قيامي عليه وحِفظي أسبابَه، مِن قولِه: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد: ٣٣].

* * *


(١) في (أ): "عليها" وفي (ر): "إلينا".