للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والاستبصار (١): التيقُّن.

فإنْ قالوا: لمَ جَمع الأبصار والواحد: بصرٌ، وهو مصدرٌ كالسمع؟

قُلنا: لأنه اسمٌ للعين أيضًا، فكان اسمًا لا مصدرًا، فجُمع لذلك.

ومعنى الكلمةِ واللَّه أعلم: وعلى أبصارِ قلوبهم حجابُ غَفلةٍ، وغطاءُ شُبهةٍ، وسحابُ ظُلمةٍ، فلا يَرون الحقَّ ولا يَقبلونه ولا ينقادون له.

وقيل: معناه: يتعامَون عن الحقِّ مع وجودِ العيون، كما (٢) يَتصامُّون عنه مع وجود الآذان.

وقوله تعالى: {غِشَاوَةٌ}: فالغِشاوةُ والغِشاءُ: الغطاءُ، والتغشيةُ: التغطية، وقوله تعالى: {يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ} [هود: ٥]؛ أي: يتغطَّون بها، وقولُه: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: ١]؛ أي: يغطِّي ظلامُه الأفق.

وقولُه: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} [طه: ٧٨]؛ أي: علَاهم فغطَّاهم.

وقولُه: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} [الأعراف: ١٨٩]؛ أي: وَطِئها، وفيه التغطيةُ.

والغاشيةُ: ما يسترُ السَّرج.

وقولُه تعالى: {غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ} [يوسف: ١٠٧]؛ أي: عقوبةٌ تجلِّلُهم.

وقوله: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: ١]: هي القيامة تجلِّلُ الخَلْق.

وقوله: {وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف: ٤١]؛ أي: لُحفٌ من نار.

والغَشْيُ: الإغماء، وقوله: {كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [الأحزاب: ١٩]؛ أي: يُغمى عليه، وفيه سترُ العقل.


(١) في (ر): "فالاستبصار".
(٢) في (ف): "حتى".