للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقراءةُ الأكثر برفعِ الآخِرِ، فإن قوله: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} هذا كلامٌ مبتدأٌ، وهو غيرُ معطوفٍ على الأول بالختم، ومَن نصبه فعلى إضمار: جَعَل (١)؛ أي: وجَعَل على أبصارهم غشاوةً.

ثم معناه: وعلى أبصارِ قلوبهم غطاءُ غَفلةٍ وغلافُ شبهةٍ، وكما تعامَوا عن الحقِّ في الدنيا فكذلك يُبعثون في العُقبى، قال تعالى: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى} [الإسراء: ٧٢].

ولمَّا جُعِلوا على أبصارهم غشاوةٌ، تتَّصلُ بهم هذه الحالة في الدنيا، وعند (٢) الموت، وفي القبر، وفي القيامة، وفي النار:

قال تعالى في الدنيا: {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [يس: ٩]، وقال في الموت: {كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [الأحزاب: ١٩]، وقال: {غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ} [يوسف: ١٠٧]، وقال: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ} [العنكبوت: ٥٥]، وقال: {وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} [إبراهيم: ٥٠].

وقال: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: ١]، قيل: هي القيامةُ تغشاهم بظُلمتها وفظاعتها، وقيل: هي النار.

وقيل: هي ثلاثةُ أشياءَ: غاشيةُ الأبصار وهي الحَجْبةُ عن لقاء اللَّه تعالى، وغاشيةُ الأبدان وهي حرُّ (٣) النار، وغاشيةُ القلوب (٤) وهي هَيبةُ القطيعة، فهذه


(١) في (أ): "وجعل".
(٢) في (ر): "عند".
(٣) في (أ) و (ف): "حرقة".
(٤) في (ر) و (ف): "القلب".