للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

غشاوةٌ في الدنيا أورَثَتْهم هذه هذه الغشاوات في العقبى، تحقيقًا لقوله تعالى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: ٢٩].

ثم إنما ذكر في هذه (١) الآية القلوبَ والسمعَ والأبصار، لأن الخطاب كان باستعمال هذه الثلاثة في الحق، كما قال تعالى: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} {أَفَلَا تُبْصِرُونَ}، وكان هذا الخطابُ بعد أن هيَّأ اللَّه لهم الأسباب، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ} [المؤمنون: ٧٨] فلم يستعملوها فيما أُمروا باستعمالها فيه، فعُوقِبوا في الدنيا بالختم على القلوب والأسماع، والغشاوةِ على الأبصار، ويومَ القيامة من جنس ذلك عقوباتُها، وهي ما قال تعالى: {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} [النازعات: ٨]؛ أي: شديدةُ الاضطراب، {الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} (٢) [الهمزة: ٧]، {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ} [عبس: ٣٣]؛ أي: المُصِمَّة، وقال (٣): {أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ} [النازعات: ٩]؛ أي: ذليلةٌ، لِمَا عرَاها (٤) من التغيُّر والتحيُّر، وقال (٥): {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} [طه: ١٠٢]؛ أي: عُميًا.

ثم بيَّن عقوبتهم في الآخرة، فقال تعالى:

{وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} فالعذابُ: العقوبة، والعَذْب: ذو (٦) العذوبة، وهو (٧) نقيضُ المُلوحة.


(١) "هذه": من (أ).
(٢) في (أ): "أبصارها خاشعة وقال" بدل: "أي: شديدة الاضطراب التي".
(٣) "وقال": من (أ).
(٤) في (ف): "بما عراها"، وسقطت من (أ).
(٥) "وقال": من (أ) و (ر).
(٦) "ذو" سقط من (ف).
(٧) في (ر): "وهي".