للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٣٥) - {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ}.

وقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ}: أي: اذكرْ يا محمَّدُ إبراهيمَ إذْ لم يستعجلِ العذابَ لِمَنْ (١) كذَّبَه وآذاه، فكذلكَ فافعلْ بأهلِ عصرِكَ، واتَّبعْ في ذلك أباك، وذلك في قولِه تعالى: {وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: ٣٦]، وقدَّم على ذلك وأخَّرَ عنه دعوات، فممَّا قدَّم قولُه تعالى:

{رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا}: أي: اشرعْ للنَّاس أنْ يكونَ {هَذَا الْبَلَدَ} وهو مكَّة {آمِنًا}؛ أي: مأمنًا (٢)، وقيل: مأمونًا فيه، وقيل: ذا أمنٍ، وهو كقولهم: ليلٌ نائمٌ، ونهارٌ صائمٌ، وكقول اللَّه تعالى: {وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} [يونس: ٦٧].

وقوله تعالى: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ}؛ أي: بَعِّدْني (٣) وأولادي، وقد جَنَبه مِن حدِّ (دخل)، وجنَّبَهُ تجنيبًا للمبالغة، واجتنبَ وتجنَّب لازمٌ، وحقيقة الكلمة: اجعلني في جانبٍ، كما يُقال: نحِّني؛ أي: اجعلني في ناحيةٍ.

{أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ}: (أن) مع الفعل مصدر؛ أي: عبادةَ الأصنام، وهذا لتعليمِ الأُمَّةِ، ولأنَّ العِصمةَ لا تزيلُ المحنةَ، فيجوز فيه الدَّعوة كما مرَّ في قوله تعالى: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: ١٠١].

* * *


(١) في (أ): "العذاب والعقوبة أن".
(٢) في (ر) و (ف): "ضامنًا".
(٣) في (ر) و (ف): "تعذني".