للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واستوطنوه، وأقاموا مناسكَكَ فيه؛ شكرًا لك على نِعَمِكَ، فاستجابَ اللَّهُ دعاءَه بثمراتِ الطَّائف.

وقال القشيريُّ رحمَه اللَّهُ: يقول: أسكنْتُهم بهذا الوادي، ولا متعلَّق مِن الأغيارِ لقلوبِهم، ولا مُتناوَل لأفكارِهم وأسرارِهم (١)، فهم مطروحون ببابِك، مقيمون بحضرتِك، جارٍ فيهم حكمُك، إنْ راعيتَهم كفيتَهم وكانوا أعزَّ خلقِكَ، وإنْ أقصيْتَهم ونفيْتَهم كانوا أذلَّ خلقِكَ (٢).

* * *

(٣٨) - {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ}.

وقوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ}: أي: لا يخفَى عليكَ قولي وإرادتي في إرادةِ الخيرِ بعبادِكَ عمومًا، وبذريَّتي خصوصًا؛ لعلمِي بسَعَةِ رحمتِكَ، وإرادَتِكَ الخيرَ بمَن آمنَ بك.

وقال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما ومقاتلٌ: {مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ} مِن الوجدِ (٣) بإسماعيلَ وأمِّه، وغربتِهما وكونِهما بوادٍ غير ذي زرعٍ (٤).


(١) عبارة "اللطائف": (أسكنتهم بهذا الوادي حتى لا تتعلق بالأغيار قلوبهم، ولا تشتغل بشيء أفكارهم وأسرارهم).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٢٥٧).
(٣) في (ر) و (ف): "الرحيل".
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٦٩٢) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٣٢٣) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما ومقاتل. وانظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٤٠٩).