للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الشَّيءِ وتفخيمِه ممَّا يحيطُ (١) العلمُ بأنَّ مثلَه لا يكونُ، وإنَّما هو على معنى: كادَ يكونُ لو جازَ كونُه.

وقد قرأ عمرُ وعليٌّ وابنُ مسعودٍ وأبيُّ بنُ كعبٍ رضي اللَّه عنهم: (وإنْ كاد مكرُهم لِتزولَ منه الجبال) بالدَّال (٢).

وقرأ عامَّةُ القرَّاءِ: {لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} بكسْرِ اللَّام الأولى ونصبِ الثَّانية (٣)، وهو للنَّفي؛ أي: وما كان مكرُهم مكرًا عظيمًا ينفذُ وتزولُ منه الجبال، وكانوا إذا عظَّموا الشَّيء وصفُوه بمثلِه، قال الشَّاعر:

لَمَّا أتى خبرُ الزُّبيرِ تضعْضَعَتْ... سُوْرُ المدينةِ والجِبالُ الخُشَّعُ (٤)

وقيل: الجبالُ مَثَلُ الإسلامِ وآياتِ القرآنِ في وَثاقِها وثبوتِها، يقول: لم يؤثِّرْ مكرُهم في توهينِ شيءٍ مِن ذلكَ.

وقال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما ومقاتلٌ في نزولها: إنَّ نمرود بنَ كنعان كانَ أوَّلَ مَن ملَكَ الأرضَ، فحملته نخوته على أنْ قال: إنْ كان ما يقولُه إبراهيمُ حقًّا أنَّ في السَّماوات إلهًا، فلا أستقرُّ حتَّى أعلمَ صِدْقَ ما يقولُه، فاتَّخذَ تابوتًا، وعمدَ إلى أربعةٍ مِنَ النُّسورِ، فعلَّقَ على كلِّ جانبٍ مِنَ التَّابوتِ بنسرٍ منها، وأقعدَ في التَّابوتِ رجلَيْنِ، وجعلَ له بابَيْن مِن أعلى ومِن أسفل، وجعلَ على جوانبِ التَّابوتِ مِن فوقٍ


(١) في (ر) و (ف): "بما نحيط"، وفي (أ): "مما يحيطه".
(٢) انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٧٣)، و"المحتسب" (١/ ٣٦٥).
ورواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٧٢٠ - ٧٢٣) عن عمر وأنس وابن مسعود.
(٣) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٣٦٣)، و"التيسير" للداني (ص: ١٣٥).
(٤) البيت لجرير. انظر: "ديوانه" (٢/ ٩١٣).