للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ}: أي: جعلنا السَّماء مزيَّنةً بالكواكبِ للنَّاظرين إليها، كما قال: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصافات: ٦].

* * *

(١٧ - ١٨) - {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ}.

وقوله تعالى: {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ}: أي: حرسْنا السَّماءَ مِن كلِّ شيطانٍ مرجومٍ بالنُّجوم؛ أي: مرميٍّ بها.

وقوله تعالى: {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ}: قيل: هو استثناءٌ منقطعٌ، ومعناه: لكنْ مَن استرقَ السَّمع؛ أي: صعد من الشَّياطين إلى السَّماء ليسمعَ كلامَ الملائكةِ فيما يتحاورون بينهم ممَّا يريدُ اللَّهُ إحداثَه في الأرض، فإنَّه يعرِّفُهم بما يشاءُ مِن ذلك، ثمَّ يوحي منه إلى أنبيائِه ما يشاءُ، فتصعدُ الشَّياطينُ لتستمعَ ذلك فَتُرْجَم بالنُّجومِ، فيلحقُها مِن ذلكَ شِهابٌ مبينٌ؛ أي: واضحٌ.

وأتبعَه؛ أي: لحقَه، كما قال تعالى: {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} [الشعراء: ٦٠]، وهو كقوله: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: ١٠].

وقيل: هو حقيقةُ الاستثناءِ، ومعناه: حفظنا السَّماء من الشَّياطين أنْ تسمعَ الوحيَ، وهو كقوله: {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} [الشعراء: ٢١٢]؛ أي: سماعِ الوحي، {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ}؛ أي: سماعَ خبر أهل السَّماء دون الوحي، فإنَّا لا نحفظها من ذلك، فيسترِقُون ما ليس بوحي، فيقذفونَه إلى آلهتِهم (١)، ثمَّ تتبعهم الشُّهُب فتقتلُهم (٢) أو تخبلُهم.


(١) في (ر) و (ف): "كيفيته".
(٢) في (ر) و (ف): "فتصليهم".