للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما: كانتِ الشَّياطينُ لا يُحجبونَ عن السَّماواتِ، وكانوا يدخلونها ويأتون بأخبارها فيلقونها على الكهنة، فلَمَّا وُلِدَ عيسى عليه السَّلام مُنِعُوا مِن ثلاثِ سماواتٍ، فلمَّا وُلِدَ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُنِعُوا مِنَ السَّماواتِ أجمع، فما منهم مِنْ أحدٍ يريدُ استراقَ السَّمع إلَّا رُمِيَ بشهابٍ مبينٍ (١)، فإنْ أصابَه أحرقَه، وإنْ أخطأَهُ خَبَلَه، فصارَ غولًا يضلُّ النَّاس في البراري (٢).

ودليله قوله تعالى: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا} [الجن: ٨ - ٩] الآية، وقوله تعالى {وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (٨) دُحُورًا} [الصافات: ٨ - ٩] الآية.

* * *

(١٩) - {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ}.

وقوله: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا}: أي: بسطناها على وجه (٣) الماء {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا}؛ أي: في الأرض {رَوَاسِيَ}؛ أي: جبالًا ثوابتَ -وقد رَسَا يَرْسُو رُسُوًّا؛ أي: ثبتَ- لئلَّا تنكفِئ الأرضُ بأهلِها.

{وَأَنْبَتْنَا فِيهَا}: أي: في الأرضِ {مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ}؛ أي: مقدَّرٍ بقدَرٍ معلومٍ


(١) في (أ): "قبس".
(٢) ذكر نحوه السمرقندي في "تفسيره" (٢/ ٢٥٣)، والثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٣٣٣)، والواحدي في "البسيط" (١٢/ ٥٦٦)، والبغوي في "تفسيره" (٤/ ٣٧٢)، والرازي في "تفسيره" (١٩/ ١٣٠). ولعله من طريق الكلبي عن ابن عباس، فقد ذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٣/ ١٥٢) عن الكلبي، والكلبي متروك.
(٣) "وجه" من (أ).