للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ}: أخبر عنهم أنهم يدَّعون ذلك.

ثم قال (١): {وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}: أي: ليسوا بمؤمنين، فنَفَى الإيمانَ عنهم لأنه لم يكن (٢) في قلوبهم، وقد قال اللَّه تعالى: {مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} [المائدة: ٤١]، وقال (٣) تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا} [الحجرات: ١٤]، وبَطَل بهذا (٤) قولُ الكرَّامية: إنه مجرَّد الإقرار، فإن المنافقين أقرُّوا بذلك واللَّه تعالى نفَى عنهم ذلك.

ثم إنه قال: {مَنْ يَقُولُ} وهذا فعلُ الواحد، لأن كلمة (مَن) تصلُح له، ثم قال: {وَمَا هُمْ} على الجمع لأنه هو المراد، فحَمَل على المعنى، وهو كقوله تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [البقرة: ١١٢] وهذا على الوحدان (٥) للصيغة، ثم قال: {وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: ٦٢] على الجمع للمعنى.

وكذا قولُه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} ثم قال تعالى: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ} [النحل: ٩٧].

وقولُه تعالى: {بِمُؤْمِنِينَ}: الباء للتأكيد، وهو كقوله عزَّ وعلا: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} [الحاقة: ٤١]، {وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ} [الحاقة: ٤٢]، ويجوز حذفُها، قال تعالى: {مَا هَذَا بَشَرًا} [يوسف: ٣١]، وهذا لأن (ما) بمعنى: ليس، ويجوز في (ليس) الباءُ


(١) في (أ): "فقال" بدل: "ثم قال".
(٢) في (ر): "لأنه ليس".
(٣) في (ر) و (ف): "وقد قال".
(٤) في (ر): "وأبطل هذا".
(٥) في (ر): "الواحد".