للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحذفُها، قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: ٨] وقال أيضًا: {لَيْسُوا سَوَاءً} [آل عمران: ١١٣].

وفي الآيةِ معجزةُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فإنهم أظهَروا الإيمانَ وأضمَروا الكفر، والنبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَخبر عما في قلوبهم، وذلك غيبٌ، واللَّهُ جلَّ جلالُه يقول: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: ٢٦].

ودلَّت الآية أن الدعوى مردودةٌ إذا لم يقم عليها دلالةُ الصحة، قال قائلهم:

مَن تحلَّى بغيرِ ما هو فيه... فضَح الامتحانُ ما يدَّعيه

وإن (١) من مدَحَ نفسه ذُمّ، ومَن ذَمَّ نفسه مُدِح، قال فرعونُ عليه لعائن اللَّه: {وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: ٩٠] فقيل له: {وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: ٩١]، وقال يونسُ صلوات اللَّه عليه: {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٨٧] فقيل له: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} [الصافات: ١٤٣].

* * *

(٩) - {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}.

وقوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ}: فالخَدْع: الخَتْلُ، والإخداع: الإخفاء، ومنه: المخدَعُ (٢)، وهو البيت الصغيرُ يُخْفَى فيه الشيء، وخُدِع فوه؛ أي: تغيَّرت رائحتُه، ودينارٌ خادعٌ؛ أي: ناقصٌ، وسِنونَ خدَّاعةٌ؛ أي: قليلةُ المَرَافق.

فقوله: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ} قيل: معناه: يخادعون رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنين بإظهارِ


(١) في (ف): "فإن".
(٢) مثل: مِنْبَر ومُحْكَم. انظر: "القاموس" (مادة: خدع).