للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: معناه: يحتالون لإزالةِ الحق بالباطل.

ثم المخادَعةُ وهي على (١) المفاعَلة، وإن كان أصلُها لِمَا يكونُ بين اثنين، فقد تكون لفعلِ الواحد، كالمسافَرة والمصادفة (٢)، وإنْ حملت على الوَضع: فالخداعُ كان منهم وجزاءُ الخداع من اللَّه تعالى على ما تبيَّن (٣).

فإنْ قالوا: إن لم يعرفوا اللَّهَ تعالى فكيف خادَعوه (٤)؟ وإن عرَفوه فكيف قصدوا خداعَه؟

قلنا: قد بينَّا أنهم عمِلوا عمَل المخادِعينَ من الوجوه التي ذكرناها.

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا} عطفٌ على الأول؛ أي: ويخادعون المؤمنين أيضًا، ويجوز حملُه على الحقيقة في حقِّهم فإنه في وُسعهم، فأمَّا قوله: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ} فقد مرَّ قولٌ أن معناه: يخادعون الرسول والمؤمنين، والصحيحُ أن يحمل ذلك على مخادَعتهم الرسولَ وحده دون المؤمنين؛ فإن خداعهم المؤمنين مذكورٌ على التصريح بعده، وهو قولُه تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا}.

ثم إنما جعَل مخادَعتَهم الرسول (٥) مخادعتَه تعالى تشريفًا له، كما جعَل نصرتَه نصرتَه، بقوله (٦): {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد: ٧]؛ أي: إنْ تنصُروا رسولَه، وكما


(١) "على" من (ف).
(٢) في (أ): "كالمنافرة والمصادفة"، وفي (ف): "كالمسافرة والمصادقة"، وفي (ر): "كالمسافرة والمصارفة".
(٣) في (أ): "بين"، وفي (ف): "نبين".
(٤) في (ر): "يخادعونه".
(٥) في (أ): "رسوله".
(٦) في (ر) و (ف): "كقوله".