للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: تحمل أحمالكم وما يَثقلُ عليكم حملُه مِن المتاع إلى البلدان البعيدة التي لا تبلغونها إلَّا {بِشِقِّ الْأَنْفُسِ}؛ أي: الأبدان (١). والشِّقُّ: المشقَّةُ.

وقيل: هو النُّكرة الَّتي (٢) تكاد تنشقُّ منه النَّفس.

قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}: خلقَ لكم هذه الأشياء وسخَّرها لكم.

وقيل: ذكرَ هذا لتَرحموا هذه الأنعامَ بالإنفاق عليها والإحسانِ إليها.

* * *

(٨) - {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}.

وقوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ}: عطفٌ على قوله: {وَالْأَنْعَامَ}.

{لِتَرْكَبُوهَا} هو حُجَّةُ أبي حنيفة رحمه اللَّه في حرمةِ أكلِ لحم الخيلِ.

وبه استدلَّ عبدُ اللَّه بنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما أنَّ اللَّهَ تعالى ذكرَ هذه الأشياء بطريق عدِّ النِّعم والامتنان بها، ولو كانَ يحلُّ أكلُها لم يكن مِن الحكمةِ تركُ ذِكْرِه وذكرُ ما دونَه في كونِه نعمةً وغرضًا مقصودًا (٣).


(١) في (أ): "لا تبلغونها إلا بمشقة الأبدان".
(٢) في (ف): "الذي" بدل من "النكرة التي". والنكرة لعلها: الأمر الشديد، كذا في المعاجم لكن فيها: النُّكر، بدون هاء.
(٣) انظر: "شرح مختصر الطحاوي" للجصاص (٧/ ٢٨٩)، و"المبسوط" للسرخسي (١١/ ٢٣٤). وأثر ابن عباس رضي اللَّه عنهما رواه الطبري في "تفسيره" (١٤/ ١٧٣ - ١٧٤)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢٢٧٧).
وقوله: "لم يكن مِن الحكمةِ تركُ ذِكْرِه وذكرُ ما دونَه" معناه واللَّه أعلم: لم من الحكمة ترك ذكر الأكل وذكر ما دونه من الركوب، ولعل شرح هذا الكلام هو ما قاله الماتريدي في "تأويلات أهل =