وقوله تعالى:{وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ}: أي: في خَلْقِ ما ذكرنا عبرةٌ ودلالةٌ على الهدى، وعلى اللَّهِ بيانُ قصدِ السَّبيل؛ أي: الطَّريقِ القاصد، وهو المستقيمُ، وهو طريقُ الحقِّ، وهو كما قال:{ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}[القيامة: ١٩].
وليس ذلك للوجوب؛ فإنَّه لا يجبُ على اللَّهِ شيءٌ، ولكن يقول: مِن الحكمةِ البيانُ منَّا للصَّواب من الخطأ، والرَّشادِ مِن الضَّلال؛ لتتَّبعوا الرَّشاد، وتجتنبوا الضَّلال، وقد فعلْنا ذلك.
{وَمِنْهَا جَائِرٌ}: أي: ومن الطُّرقِ طريقٌ مائلٌ عن السَّداد، وقد بيَّناه كما بيَّنا الطَّريق المستقيم.
{وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}: أي: أعطاكم الاهتداءَ لو علِمَ منكم اختيار ذلك.
وقيل: معنى {وَعَلَى اللَّهِ}؛ أي: وللَّه، كما قال:{وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ}؛ أي: للنُّصُب.
وقيل: أي: إلى رضوانِ اللَّهِ وصولُ قاصدي هذا السَّبيل، {وَمِنْهَا جَائِرٌ}؛ أي: مِن هذا السَّبيل جائرون مائلون، لا يقصدون رضا اللَّهِ، ولا يتوجَّهون إلى اللَّه، فممرُّهم على الشَّيطان.
وقيل: أي: ممرُّ القاصدِ والجائرِ على اللَّهِ، كقولِه:{إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}[الفجر: ١٤]؛ أي: لا يخرج أحدٌ عن قبضتِه أيَّ طريقٍ سَلَكَ.