[البقرة: ١٨]، وكانوا سامِعين ناطقين ناظِرين حقيقةً، لكنْ لم ينتفِعوا بذلك فكانوا كأنهم صمٌّ بكم عميٌ، فذو الآلةِ إذا لم يَنتفِع بها فهو وعادمُ الآلة سواءٌ، والعالمُ الذي لا يعمل بعلمه فهو والجاهلُ سواءٌ، والغنيُّ الذي لا يَنتفع بماله فهو والفقيرُ سواءٌ، والحيُّ الذي لا يَستمتِع بحياته فهو والميتُ سواءٌ.
ثم إنَّ اللَّه تعالى أثبتَ للمؤمنين العلمَ بقوله:{وَأُولُو الْعِلْمِ}[آل عمران: ١٨]، وأثبت لهم الجهلَ بقوله:{لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ}[النساء: ١٧]، كما أثبت للكفار العلم بقوله:{وَلَقَدْ عَلِمُوا}[البقرة: ١٠٢]، والجهلَ بقوله:{قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ}[الزمر: ٦٤]. وليسوا سواءً، بل إثباتُ العلم للمؤمنين إثباتُ الكرامة، وذكرُ الجهل تلقينُ عذرِ المعصية، وإثباتُ العلم للكفار إلزامُ الحجة، وذكرُ الجهل إثباتُ المَنقَصة.