للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقول: إن كنتم معاشرَ عبادي لا تسوُّون بين المملوكِ منكم الفقير المعدَم وبين الحرِّ الغنيِّ الموسر، فكيف تسوُّون بيني وبين غيري في العبادة، وأنا الغنيُّ القادرُ ومَن دوني فقير عاجز؟!

وأمَّا الثَّاني: فهو أنَّ المَثل للكافر الذي قد حَرَمَه اللَّهُ التَّوفيق، فهو لا يحصل منه عملٌ صالحٌ، ولا يوفَّقُ لبابٍ من أبواب الطَّاعة، فهو كالعبد المملوك الذي لا يقدر على شيءٍ ينفِقُ (١) منه في باب تكرمةٍ أو قضاءِ حقٍّ، ومَثل المؤمنِ الموفَّق للطَّاعات التي (٢) تحصل منه من الخيرات والأعمال الصَّالحة مِن حيثُ يعلم النَّاس ومن حيث لا يعلمون.

والإنفاقُ (٣) يُعبَّر به عن العمل، وقد ذهب بعضُ المفسِّرين في قوله: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢]؛ أي: حتى تعملوا الطَّاعات، ويقال لمن أكثر الكلام: أمسكْ عليك نفقتَك.

والسِّرُّ والجهرُ مثلان للأعمال التي يُجهَر بها، كالصَّلوات المفروضة، والإعلانِ بالشَّهادة للَّه في التَّوحيد (٤)، والأذكارِ التي أُمِرَ النَّاس بالجهر بها، ومنها الحجُّ والجهادُ والأعمالُ التي تظهر للنَّاس.

والسِّرُّ: النَّوافل التي يخلو بها المرءُ في بيتِه وحيثُ لا يُعلَم به كدعاءِ السِّرِّ.

وقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ}: أي: المستَحِقُّ للشُّكر والثَّناء والمدح كلِّه هو اللَّه؛ لأنَّ النِّعم في الدِّين والدُّنيا كلَّها منه.


(١) في (ر): "يؤت".
(٢) في (ر) و (ف): "الذي".
(٣) في (ر) و (ف): "وفي الإنفاق قد".
(٤) في (أ): "وبالتوحيد" بدل: "في التوحيد".