للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}: {بَلْ}: ردٌّ لِمَا قالوا من استحقاق الأصنامِ العبادةَ والشُّكرَ أنَّها ليس منها إنعام عليهم فتستحقَّ ذلك منهم، وأكثرُهم لا علمَ عندهم إنَّما هم مقلِّدون جُهَّال، استحسنوا عبادةَ غيرِ اللَّه على غير بصيرةٍ اتِّباعًا للآباء.

* * *

(٧٦) - {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.

وقوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}:

الأبكمُ: الأخرس، والكَلُّ: العيال، ومولاه: ابنُ عمِّه وقريبُه.

وهذا المثل الثَّاني ضربَه اللَّهُ لنفسِه وللأوثان، فالذي كالأبكم الذي لا يقدر على شيء؛ أي: لا يقوم بإمساكِ نفسِه وتدبير أمرِه، فهو كَلٌّ؛ أي: عيالٌ على مولاه؛ أي: على قريبِه وابن عمِّه الذي يدبِّر أمرَه، أو على مَن يتولَّى من الأجانب أمرَه ويقومُ بأسبابه، أينما يوجِّهه مولاه في أمرٍ يَعْرِضُ أو حاجةٍ تقعُ أو رسالةٍ تؤدَّى فإنَّه لا يأتيه بخير؛ لأنَّه لا يُعربُ (١) عن نفسِه، ولا ينطق فيترجِمَ نطقُه عمَّا في ضميره، فالمستعين به خائبٌ من نفعه؛ لأنَّه لا يأمر ولا ينهى، ولا يُفصح عن حقٍّ ولا باطل، فكذا الوثن إنَّما يقوم بأمرِه غيرُه، فيُحمَل ويُنقَل مِن موضعٍ إلى موضعٍ، ويُصلَح ما يتشعَّث (٢)


(١) في (ر) و (ف): "يعبر".
(٢) في (ر): "يتشعب".