للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منه، ويُماطُ عنه ما يَعلقُ به مِن قذًى أو أذًى، وكلُّ ما يسألُه عابدُه ويدعوه له ويرجوه من عبادته فإنه لا يجدُه عندَه؛ لأنَّه لا يعقِلُ ولا يتكلَّمُ، فهو كَلٌّ على عابدِه، يتكلَّفُ مُؤْنَتَهُ، ولا يرجو معونتَه.

وقال الكلبيُّ: {أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ}: مثَلُ الوثنِ، {وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ}: هو اللَّه تعالى، يأمر بشهادةِ أنْ لا إله إلَّا اللَّه، {وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}؛ يعني: يدلُّكم (١) على طريق مستقيم (٢).

وفي قوله: {وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} فيه إثباتُ جميعِ ما نفاه عن الأوَّل:

فإنَّ قولَه تعالى: {أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ} فيه نفي الكلام، وفي الأمر بالعدل إثبات الكلام.

وقوله: {لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ}، والآمر بالعدل قادرٌ على كلِّ شيء.

وقوله: {وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ}، ومَن يأمرُ بالعدل فغيرُه يكون كَلًّا عليه، وهو يَمُونهم ويقضي حوائجهم.

وقوله: {أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ}، والآمرُ بالعدل يأتي بكلِّ خيرٍ.

* * *

(٧٧) - {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.


(١) في (ر) و (ف): "بذلك".
(٢) ذكر الثعلبي في "تفسيره" (٦/ ٣٢) عن الكلبي قوله: "يعني وهو يدلكم على صراط مستقيم".