للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عنه سألْتُه عن حالِه، فقال: "نعم، بينا أنا أحدِّثكُم رأيْتُ في الهواء جبريل، فأتاني بهذه الآية"، وقرأها عليَّ، فقرَّ الإسلامُ في قلبي، فأتيْتُ عمَّه أبا طالبٍ فأخبرْتُه، فقال: يا آلَ قريشٍ، اتَّبعِوا محمَّدًا تَرشُدوا، فإنَّه لا يأمركم إلَّا بمكارم الأخلاق، فإنْ كان ابنُ أخي صادقًا أوكاذبًا فإنَّ إلهَه لا يأمرُه إلَّا بخير، فأتيْتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخبرْتُه بقولِه، ففرح بذلك، فقال له: "يا عم، تأمر النَّاسَ باتِّباعي ولا تتَّبعُني"، فأبى، فأنزل اللَّه تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: ٥٦]، فأتيْتُ الوليدَ بنَ المغيرة، وقرأْتُ عليه الآية، فقال: إنْ كان محمَّدٌ قاله فنِعْمَ ما قال (١)، وإنْ كان قالَه ربُّه فنِعْمَ ما قال، فأنزل اللَّه تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى} الآيات [النجم: ٣٣] (٢).

وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}؛ أي: بالتَّسوية في الحقوق فيما بينكم، وتركِ التَّظالم، وإيصالِ كلِّ ذي حقِّ إلى (٣) حقِّه، والإحسانِ إلى مَن أساءَ إليكم.

وقيل: هو التَّفضُّل الزَّائد على العدل.

{وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}؛ أي: إعطاءِ ذي القربى (٤)، وهو صلةُ الرَّحم وبرُّ الأقارب.


(١) في (ف): "فنعما" بدل: "فنعم ما قال".
(٢) رواه دون قصة أبي طالب وما بعدها الإمام أحمد في "المسند" (٢٩١٩)، والبخاري في "الأدب المفرد" (٨٩٣)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٨٣٢٢)، من حديث عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما.
وذكره كما عند المصنف لكن دون قصة الوليد بن المغيرة: السمرقندي في "تفسيره" (٢/ ٢٨٨ - ٢٨٧).
(٣) في (أ): "كل حق إلى ذي حقه".
(٤) في (أ): "القراب به".