للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكانت اتَّخذَتْ مغزلًا بمقدار ذراع، وفلكةً على قَدْرها، وكانت لها جوارٍ تأمرهُنَّ من الغداة إلى نصف النَّهار بغزل الصُّوف، فإذا انتصفَ النَّهار أمرتهنَّ بنقض ما غزلْنَ، فهذا كان دأبَها، فضربَ اللَّهُ تعالى بها مَثَل ناقض العهد (١).

وقوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ}: الدَّخَلُ: ما أُدخِلَ على الشَّيء للفساد.

والمعنى واللَّه أعلم: تَدخلون في الأيمان للغرور، وهو إفساد، ومن نيَّتكُم الغدرُ بمن حلفتُم لهم.

وقيل: الدَّخَل: الدَّغَلُ والخديعة.

وقيل: الغِلُّ والغِشُّ.

وقيل: هو أن يكون داخلُ القلب على الجفاء، والظَّاهرُ على الوفاء.

وقيل: معناه: أن تحلفوا غيرَ معتقدين للوفاء بما حلفْتُم.

وقوله تعالى: {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ}: أخبر بالسَّببِ الذي يفعلون هذا لأجلِه، فقال: {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ}؛ أي: من أجلِ أنَّ طائفةً من النَّاس يكونون أكثرَ عددًا من طائفةٍ أخرى، ويكونون أكثرَ أموالًا، وأزيدَ أسبابًا في القوَّة والمال، فتنقضون أيمانكم إذا رأيتم الكثرة والسَّعة في الدُّنيا في أعدائكم من المشركين. وهذا لمن دخل في الإسلام ونافقَ أهلَه ليستعين بهم ويتَّسع (٢) في


= المؤلف من زيادة (زيد مناة) هو رواية الثعلبي والبغوي عن الكلبي ومقاتل. انظر التعليق السابق.
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٦/ ٣٨)، والبغوي في "تفسيره" (٥/ ٣٩ - ٤٠)، عن الكلبي ومقاتل. وفيهما: (. . . وكانت اتخذت مغزلًا بقدر ذراع وصنارةً مثلَ الإصبع وفلكةً عظيمة على قدرها. . .)، وكذا ذكره الزمخشري في "الكشاف" (٢/ ٦٣١). والصنارة: رأس المغزل.
(٢) في (أ): "ونافع أهله لسيتغني بهم ويتسع بهم" بدل: "ونافق أهله ليستعين بهم ويتسع".