للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: أي: مصدِّقٌ بأنَّ نجاته بفضل اللَّه لا بفعله.

وقوله تعالى: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}؛ أي: فلنُطيِّبنَّ عيشَه، وذلك بوجوهٍ:

قد يكون بالقناعة. وهو معنى قول الحسن (١).

وقد يكون بفتح بلاد الكفر وتوسُّعهم بالغنائم.

وقد يكون بتعريفه وجوه طيب الكسب واكتسابه من ذلك الوجه، خلاف كسب المشركين الحرام. وهذا معنى قول ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما (٢).

وقيل: هو أن يَعملَ بطاعةِ اللَّه، فتكون حياتُه طيِّبةً في الحقيقة؛ لأنَّها تُؤَدِّيه إلى رضوان اللَّه، بخلاف عيش الكافر.

وقال القشيريُّ: الطَّيِّبُ لا يُعرَف بالنُّطق بل بالذَّوق، فقومٌ قالوا: هو حلاوة الطَّاعة، وقوم قالوا: هو صدق القناعة، وقال قوم: هو الرِّضى، وقال آخرون: هو لَذاذةُ النَّجوى، وقيل: هو نسيم القُرب، والكلُّ صحيحٌ، ولكلِّ واحدٍ أهلٌ.

وقيل: الحياة الطَّيِّبةُ ما يكون مع المحبوب، وفي معناه أنشدوا:

نحن في أكمل السُّرور ولكن... ليس إلَّا بكم يتمُّ السُّرور

عيبُ ما نحنُ فيه يا أهلَ ودِّي... أنكم غُيَّبٌ ونحنُ حضورُ

وقيل: الحياة الطَّيِّبة للأولياء ألَّا يتركَ لهم سؤالًا إلَّا حقَّقه، ولا مأمولًا إلَّا صدَّقه، وأمَّا الخواصُّ فالحياة الطَّيِّبة لهم ألَّا يكون لهم سؤال ولا حاجة ولا إرب


(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٦/ ٤٠).
(٢) روى نحوه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢/ ٢٧٧)، والطبري في "تفسيره" (١٤/ ٣٥٠ - ٣٥١).