للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا مطالبة، وكم بينَ مَن له مرادٌ فيرتفعُ، وبين مَن لا إرادة له، الأوَّلون قائمون بشرط العبوديَّة، والآخرون معتَقون بشرط الحريَّة (١).

وقوله تعالى: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ}: جَمَع بعد التَّوحيد صرفًا إلى المعنى؛ لأنه جنس.

{أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}: قد فسَّرناه الآن، وليس بتكرارٍ؛ لأنَّ الأوَّل في حقِّ الذين عاهدوا رسولَ اللَّه فحفظوا عهودهم، وهذا في كلِّ مؤمنٍ عمل صالحًا.

* * *

(٩٨) - {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}.

وقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}: وانتظامها بالأولى أنَّه قال: {أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وهو العملُ بما في أحسنِ الحديث، وهو القرآن.

وقيل: هو متَّصل بقوله: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}.

ومعنى قوله: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ}؛ أي: فإذا أردْتَ قراءة القرآن، كما في قوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: ٦]؛ أي: إذا أردتم القيام إليها، وقال: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: ١]؛ أي: إذا أردتم تطليق النِّساء.

{فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}: أي: فامتنِعْ به واعتصِمْ، وقد فسَّرنا العياذ {مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} هو في أوَّل الكتاب.

* * *


(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٣٢٠).